دمـــاء تقـــــرع الفـــــردوس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأته و أحببت أن أضيفه إلى هذه الصفحة مقاطع أعجبتني من كتاب ( دماء تقرع الفردوس )
مؤلف الكتاب هو :المؤلف:الشيخ أحمد محمد إسماعيل

بأسلوب وجداني مميز, يتحدث هذا الكتاب عن خواطر وذكريات شهداء المقاومة بشيءٍ من الوجدانية والروحانية يدخل القلب بلا استئذان,
وكما ذكر الكاتب بأن هذه الذكريات لها الدور الكبير في جذب فئة كبيرة من الشباب نحو الشهادة والمقاومة ..!

الإهداء:

إلى من أعطى وجاد بأقصى غاية الجود..
إلى الذين حملوا بصائرهم على أسيافهم..
إلى الكبار الكبار الذين رسموا للقضية حدوداً هي أبعد من وطن وأقدس من دماء..
إلى من رسموا بجهادهم خارطة الوطن ولوّنوا بدمائهم نعيمهم والفردوس..
إليكم شهداء المقاومة الإسلامية أخط أوراقي،أذرف دمعة فوقها هدية متواضعة فإقبلوها أرجوكم..

المقدمة

{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون*فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}(1).

الشهادة هي أمنية المسلمين يتوّج بها الله مستحقيها،لا تأتي من فراغ،ولا هي تتنزّل من السماء دون أن تسبقها خطوات ومقدمات.
هي مسك ختام لحياة مملؤة بالصّلاح والفلاح،البحث عنها لا يتأتَّى من بيوت فارهة وقلوب فارغة وفرش حريرية مملوءة،ولا من تراكيب جُمَل إنشائية،ورصف كلمات أدبية.

فهي في تلك الإستجابة القلبية لنداء السماء،حتى إذا ما تفاعلت الأفئدة وخامرت علياء عنانها وأطربتها أنشودة تسبيح الملائكة التي تملأ الوجود من أريج تسبيحها(سُبّوح قدُّوس)،انصهر العبد في معبوده،واستجاب الترابُ لمن أعطاه الحياة،فإذ بالمخلوق ابن الأرض والطين يتحول بين يدي صانعه إلى عابدٍ يُكبِّر الله فيكبرُ الله بِهِ،ويعظِّم الله فيلبّي لعظمته التي تجعل منه متصاغراً أمام جبروته ومتفانياً أمام قدرته،فما من شيء بعد ذلك يمكن له أن يروي عطشه ويُسكَّن اضطرابه إلاّ أن يكون ذبيحاً في الله وشهيداً في حضرة الخُلد،بهذا يرتوي من معين لا يظمأ شاربه ولا يعطش وارده،ذلك أنّ الإستشهاد يُقرِّب المسافة إلى الله،(وأن الراحلَ إليكَ قريبُ المسافة)كما ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي،بذلك يصبح ذلك الترابي لطيفاً لا تعيقه كثافة مادة وأسر رغبة وأغلال دنيا وتسوّلات نفس.لأنه المتمرّد على كل ما يشكّل حاجزاً يمنعه من القرب إلى الله والأنس بلذيذ مناجاته،قبل أن يكون متمرّداً على الظلم والطغيان،هو لا يفقه إلا منطق الحق والعدل ولو كان الثمن دمه،الذي يُسرج منه قناديل أمته بعد أن ضاقت ذرعاً بعتمة ليلها البهيم.
والشهيد إن أضجرته حياتنا الفانية فلأنه يطلب البقاء والخلود،وإن دفعته حياتنا إلى اقتحام عالم الموت،فلأنه يختار بالموت الواعي الحياة الحقيقية،عن أمير المؤمنين عليه السلام:"المؤمن يقظان ينتظر إحدى الحسنين"(2)وعلى ضوء تلك اليقظة والوعي يرى المؤمن في علاقته بالأرض الآخرة والفردوس،ويرى في تعلّقه بالزوجة مدى ما يمكن أن تكون فيه الحور الحسان،وفي ولده ما يمكن التعرّف فيه على الولدان المخلدين،وفي أنهار الدنيا أنهار الجنة،وفي فواكه أهل الأرض والأطعمة والأشربة والأسرّة والمراكب ما يمكن الإطلالة به إلى عالم جناتٍ ونهر وما أعدّه الله للمؤمنين فيصل إلى عالم الجنّة،بل إلى مرتبة الإمارة فيها،ورد في الحديث الشريف(الشهداءُ أمراءُ أهلِ الجنةِ).

وهذه الأهلية للشهداء هي منحة ربانية رزقهم إياها بما أعطوا وقدّموا،والله جواد يحب لعبده أن يجود ويعطي،فما أروع من الجود والسخاء!وما أعذب من الكرم والبذل إذا كان لله سبحانه وتعالى،بل وكأننا بكل شهيد يقول:أيها الإنسان،أعطِ،فقيمة المرء بعطاءاته،ذلك أن الشجرة التي تكسل عن العطاء،هي على موعدٍ مع النار.

أما عن عزة الشهداء وشموخهم،وذُلِ المستسلمين وخنوعهم،فحدِّث ولا حرج!ولقد أجاد أحد الشعراء بوصفه للجبن والشجاعة بتشبيه جميل قال فيه:
وفي الزرازير جبن وهي طائرة
وفي البازات شموخٌ وهي تحتضر

معنى الشهادة:

الشهيد كما عُرِّف هو من يقوم بشهادة الحق حتى يقتل في سبيل الله،وهو كما في اللغة بمعنى شَهَدَ على وزن فَعَلَ،وأصل الشهادة الإخبار بما شاهده كما في لسان العرب،وقال ابن الأثير:الشهيد في الأصل:من قُتل مجاهداً في سبيل الله،والشهيد في الشرع:هو القتيل في سبيل الله.وفي سبب تسميته بالشهيد:قيامه بشهادة الحق في أمر الله،حتى يُقتل،أو لأنه يشهد المغازي،أو لأن عليه شاهداً يشهد بشهادته وهو دمه كما في تاج العروس(3).والشهيد من أسماء الله تعالى،وله قدسية متميزة ومرتبطة بعالم الخلود والبقاء،يقول الشيخ الشهيد مرتضى مطهري عن الشهيد:"الشهيد يُدفن بدمه وملابسه"(4).وهذا الإستثناء له مغزاه العميق،إنه يرمز إلى أن روح الشهيد بلغت درجة من السمو والطهارة ليترك هذا السمو آثاره على جسد الشهيد ودمه،بل وعلى ما يرتديه من لباس،بدن الشهيد"جسد متروَّح"أي أضحى وجوداً تجري عليه أحكام الروح.

فالشهيد عطر فوّاح يتضوّع بأريج الورد فيملأ الدنيا من أَلَقِ شذاه ليزهر بعطائه لأهل السماء كما النجوم لأهل الأرض،فيهتز العالم ويعبق بمسك جرحه وشهادته وقد وصف النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الجريح بقوله"من جُرح في سبيل الله،جاء يوم القيامة،ريحه كريح المسك،ولونه لون الزعفران،عليه طابع الشهداء"(5)هذا حال الجريح في سبيل الله،فما هو حال الشهيد يا تُرى؟وهو بإختصار كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أشرف الموت قتل الشهادة"(6).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:"إنّكم إن لا تقتلوا تموتوا،والذي نفس علي بيده،لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش"(7).

وحين يكون الحديث عن الشهداء وبينما أضع اللمسات الأخيرة للمقدمة،أذكر شعراً لأحد الشعراء يستطيب له فيه بقاء الليل مع قمره فلا يحب أن تشرق الشمس مخافة أن تحرمه من طعم الخلوة مع القمر فيقول:

أيتها الشمس اغلقي لحظة نافذة الصبح
بوجه الشمس فما أطيب الليلة مع قمري

وأنا بدوري خائف من الصبح الذي يسلخني عن الأنس بأقمار الليل وكواكب الأسحار.
ومورد خوفي أني أستوحش من البُعد عن الحق والحقيقة،فهو نور لديجورنا وضياء لظلماتنا ومعنى لحياتنا،فالدنيا بلا حق لا قيمة لها،بل لا وجود لها،فهو أساسها وأصل وجودها..هو الله..هو الحق والنور{الله نور السّموات والأرض مثل نوره كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباح في زجاجة الزّجاجة كأنّها كوكبٌ درّيّ يوقد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيّةٍ ولا غربيّةٍ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارٌ نورٌ على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للنّاس والله بكلّ شيءٍ عليمٌ}(10).

مَن لم يهتدِ لهذه الحقيقة ولم يأنس لسطوعها وإشراقها،هو مصاب بداء العمى،وإن أشد درجاته وأعظمها هي عمى البصيرة.
فالشهداء هم أهل البصائر،وشهادتهم هي الخبر القطعي،ومشاهدتهم هي المعاينة بنفسها،وهي حضور ووعي وأداء للشهادة على وجهها الحقيقي.
اللهم تقبّل مني هذه المحاولة التي أتطاول فيها لمعرفة قدسية الشهداء وعليائهم.وأختم مقدمتي بحديث لرسول الله الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم واصفاً فيه كلمة لبيد القائلة"ألا كل شيء ما خلا الله باطل"فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها"أصدق كلمة قالها شاعر،كلمة لبيد"(11)اللهم اجعل كلامنا صدقاً وشعرنا حكمة وبياننا حجة،لئلا نقتصر على الأدب والشعر ونتيه في عالميهما على حساب القرب من الحبيب الأوحد.

نقل للفائدة
بعد أن حذفت كلمات منه لا تتفق والسنه النبويه
تحياتي وتقديري لكم

url=http://up104.arabsh.com] دمـــاء تقـــــرع الفـــــردوس 3fa7cf8

[/url][